فلسفة النفس البشرية

(تضخم الذات والعاطفة)

البروفيسور نايف الروضان يحلل الأفراد، والجماعات، والثقافات، والدول، والمستقبل

أ. رحاب أبوزيد أدب إنجليزي- جامعة الملك سعود- السعودية

ما الذي يحثّ شخصًا على الدفاع عن موقف روسيا من أوكرانيا بينما يجد آخر أن المخاوف الأمريكية/الأوربية لها مبرراتها؟ وهل للأخلاق أم الفطرة والنشأة والمجتمع دور في تصنيف موقفك الإنساني؟ هل الفضيلة مسوغْ لشخص يخوض معارك نقاشية دفاعًا عن سياسات بوتين ضد المثليين بينما يتفق مع شخص آخر يدافع عن منصة تلفزيونية تدعم الحرية الجنسية ويرى أنها مجرد صندوق أفلام ومسلسلات وأنها لا تحمل أي أجندة مسيئة أخلاقيًا للمجتمعات المحافظة أو المجتمعات العربية؟ هل تشعر بالخزي لعدم اكتراثك لما حدث للطفل المغربي ريّان في أعماق البئر المظلمة؟ كيف تواجه ما يفرضه علينا الإعلام باختلاف أدواته من ردّات فعل مؤطرة، وإذا لم نحلّق في فضاءاتها فسوف نُترك في الخارج ممتلئين بالشعور بالذنب خارج المنظومة، خارج المعهود والسائد، خارج العرف العام هل العاطفة مبررٌ كافٍ لتمرير جريمة قتل الشابة المصرية نيّرة على بوابات الجامعة؟ هل العاطفة مبررٌ للقتل في الأساس؟ كيف يحلل خبراء الأعصاب والأمراض النفسية الأحداث الصغيرة والكبيرة من حولنا؟ وهل فعلًا ربع سكان العالم مصابون بأمراض نفسية مختلفة بحسب منظمة الصحة العالمية؟ ولماذا سلوك البشر عبر التاريخ متخم بالحروب والقتل والتناحر والتنافر والظلم والإقصاء والتمييز والهيمنة، بينما لا يخلو أيضًا من تراحم ونبل وإيثار وتكافل وتعاون ووئام، ما الذي يحدد المسار الذي يُنتهج، أهي سلوكيات فردية أم ظروف معينة في أزمنة مختلفة أم كلاهما؟ هل يمكن التنبؤ بها.. أو تحفيزها أو منعها؟ وإذا كان السلوك فرديًا، هل هو موروث أم مكتسبٌ، نتيجة ثقافات وأطر اجتماعية متقلبة حسب المكان والزمان..

يطرح بروفيسور نايف الروضان العديد من المنشورات والمقالات والكتب حول عوالم تقترب وتبتعد من تمحور الذات حول نفسها وتضخم الأنا وما قد ينبثق عن ذلك، وهو الدارس والأستاذ في الكثير من جامعات العالم المرموقة مثل هارفارد، وييل، ومايو كلينيك، وأكسفورد، وجنيف، والفائز بثماني جوائز عالمية، وزميل فخري بكلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، وزميل باحث أول في معهد الفلسفة بجامعة لندن، وزميل في الجمعية الملكية البريطانية للفنون، ورئيس برنامج الجغرافيا السياسية والمستقبل العالمي، مركز جنيف للسياسة الأمنية، سويسرا، نشر 25 كتابًا وأكثر من 250 مقالة، وهو رائد في تطبيقات علم الأعصاب. صنف ضمن أكثر 30 عالم أعصاب تأثيرًا في العالم وضمن أهم 50 باحثًا في العلاقات الدولية الذين هم أكثر تأثيرًا في سياسات القرن الواحد والعشرين.

 من خلال العديد من الكتب والمقالات المبتكرة، قدم مساهمات مفاهيمية كبيرة لتطبيق مجال الفلسفة العصبية على الطبيعة البشرية والجغرافيا السياسية المعاصرة والعلاقات الدولية وأمن الفضاء الخارجي، وهو المتخصص في علم وجراحة وأبحاث الأعصاب والفلسفة، والأمن العالمي، والدراسات المستقبلية، والجيواستراتيجية، ومن المدهش حقًا كيف يؤدي تزاوج العلوم إلى الخروج بعلوم جديدة تشرع آفاقًا للدمج بين الاكتشافات، الأمر الذي بدوره يجب أن يؤدي إلى سد ثغرات كبيرة غير مفسرة في مشكلات الدول على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والعسكرية والدبلوماسية، ويربط بين النقاط المتباعدة والفجوات التي تخلّفها الأزمات على مر الزمان. تدعونا الذاكرة هنا للعودة إلى نشأة علم الاجتماع في القرن الرابع عشر، حيث اُعتبر ابن خلدون أول من ابتكر الأساس المنهجي الذي يربط بين العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية المؤثرة في المجتمعات، واستنتج أنّ لكل مجتمع قيمه، وعاداته التي يرتبط بها، ويتمسك بثوابتها، لتشكل هذه الروابط المشتركة قوة معنوية مُوحِدة للمجتمع، ودافعة له نحو التقدم، تقول د. شادية قناوي، أستاذة علم الاجتماع ومندوبة مصر سابقًا لدى اليونسكو أن ابن خلدون كان عبقريًا باكتشافه لهذا العلم ليجمع تحت مظلته علوم الإنسان وعلوم العمران البشري رغم أنه كان مؤرخًا صادف أثناء بحثه وسفره مشكلات الحكم الإسلامي وانحداره في الأندلس، وتوصل من خلال فهم وتفسير هذه المشكلات إلى نشأة علم الاجتماع، مما يثبت، على حد قولها، أهمية العلوم الانسانية والبحوث الاجتماعية في تحقيق التنمية الاقتصادية.

تمتد العلوم وتتواصل فيما بينها لتخلق هذه الروابط غير المرئية، ولتصبح شعاعًا ينير الدروب الغامضة لبعضها البعض، فكتاب د. نايف الروضان يعبر بنا بتدرجٍ ممنهج بدءًا من شمولية المقدمة الجامعة بين علم النفس والاجتماع والأعصاب إلى تفاصيل متخصصة على ضفاف الفلسفة العصبية، تقدّم الفصول الأولى عدة مقاربات للطبيعة البشرية من زوايا دينية ونفسية وأخرى فلسفية، وحتى النزعة التمردية وكيف تأثرت الطبيعة البشرية في القرن الواحد والعشرين بالتحول التقني الرقمي وتطور العلوم العصبية، ليتناول الفصل الثالث، كنتيجة ممتعة لهذا التسلسل العلمي والمنطقي، التضخم اللاأخلاقي للذات والعاطفة (عنوان الكتاب) بوصفه أحد وجوه الفلسفة العصبية للطبيعة البشرية. ومن العناوين المثيرة في هذا الفصل دور العواطف وعالميتها، الذي يتناول بتوسع مشاعر مثل الغضب، والغيرة، والعار، والسعادة، والحزن، والحرج وتبعات وعواقب كل منها، وارتباطها الوثيق بالعقل والجسد، إضافة إلى التعديل السلوكي والجيني: تغيير الطبيعة البشرية واحتواء التحول الإنساني، قياس الاختلافات غير المتجانسة والسمات الشخصية، لينتهي بفصل أخير موسوم بسؤال ضخم: إلى أين نحن ذاهبون؟ ألسنا بحاجة للتفكير والتأمل في إجابة حقيقية على سؤال يسبق السؤال عن الوجهة وهو من نحن حقًا؟ وأعتقد بأن خاتمة كهذه تعد انتصارًا لعلم الفلسفة العصبية، أن يصل الكاتب بكل هذا الكم من التحليلات والمعلومات إلى سؤال، ولم ينطلق من الإجابة عنه. يقف هذا الكتاب بفخر إلى جانب الأمن الكوني والأمن الحيوي الكوني، والتعددية، والأمن العابر للحدود، والاصدار الحديث فلسفة التاريخ المستدام وكرامة الانسان، عناوين لكتب د. الروضان لم أجد لأي منها ترجمات إلى العربية، وهي جميعها كتب في غاية الأهمية والصلة بالواقع والمستقبل..

إذا ما أردنا إلقاء نظرة سريعة على تعريف الفلسفة العصبية أو فلسفة العلوم العصبية أو علم الأعصاب الفلسفي (وهناك من العلماء من يرى اختلافًا ولو ضئيلًا في كل مسمى من هؤلاء ويعزله كمبحث مستقل عن الآخر)، لا بد أن نعرّج أولًا على فهمنا البسيط للفلسفة كمهتمين بالمشاعر والدوافع التي تتسبب في بداية العلاقات وإنهائها، وقد تتمركز بعض الأفكار في العقل الباطن لتشكل الخلية النائمة لمرض نفسي يتحول في حد ذاته إلى سمة شخصية متولدة عن دوافع باطنية منسية في اللاوعي، وثانيًا على فهمنا البسيط لعلم الأعصاب الذي يؤكد مثلًا أن منشأ ما يكاد يوصف بمرض العصر متلازمة الألم العضلي الليفي والآلام المبرحة الناجمة عنه في أطراف الأصابع وعضلات الجسم ما هي إلاّ تحوّر الضغوط النفسية إلى أمراض فسيولوجية على المدى البعيد، كبشر نعيش هذه التفاعلات العصبية والشعورية كل يوم، وكأدباء وكأطباء وكخبراء في علم الجريمة أو كسياسيين لا بد أن نتفق جميعًا على أن هذا المبحث أو ذاك ليس ناديًا محتكرًا للفلاسفة، ودون شك ليس مثيرًا لفضول العلماء وحدهم، كتبت مقالًا بعنوان «سيمون بين التمثّل والإسقاط: أنواع من الإرهاب العاطفي» وكان من جزأين طويلين نشر في صحيفة الجزيرة في يونيو 2006، وددت من خلال ملاحظاتي الواقعية وتأملاتي التي عكسها فيلم لألباتشينو تحريك نظر الناس إلى حقيقة خطيرة وهي أن معظم ما يدور حولنا تكوّنه العاطفة وتغذّيه ثم تتبرأ منه، لتدع هذه المكوّنات تكبر وتصبح كائنات منفصلة تتحكم بنا، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، منحني الفيلم حينذاك بعض اليقين الجزئي القابل للدحض في أي وقت، وهو أن الحب كقوة خارقة التأثير يملك بيده الإيذاء أكثر من الكره، وتوقفت هنا عند سيكولوجية وعقلية من يحبونك لكنهم لا يمتلكون السيطرة على الرغبة في إيذائك، وبقيت التساؤلات تلازمني سنوات حول دورنا حيال تمكينهم من مساحاتنا الخاصة والاقتراب لطعننا في أقرب نقطة من نبض الحياة بداخلنا، ظلت التساؤلات تتوالد إلى اليوم، هل يميل مصيرنا جميعنا إلى الانقسام بين مجموعتين لا ثالث لهما: الضحايا والمجرمين، العزّل والمسلّحين، المحدودين والنافذين؟

أم هل هناك مجموعات أخرى ننتقل بينها في تموّجات مطاطية، في ضوء كتاب د. الروضان، فإن الفلسفة العصبية أحد أهم ثمار الدمج بين العلوم العصبية والفلسفة في ثمانينيات القرن الماضي، علم يسعى إلى تطبيق منهجيات علمية عصبية على نقاشات وجدليات اعتبرت في السابق محض فلسفة عقلية، وبذلك فتح زوايا جديدة لمباحثة أسئلة وألغاز فكرية ملحّة لطالما حيرت عقل الإنسان. وفي خضم المقاربات والمقارنات التي عقدها د. الروضان بين النظريات الدارسة للطبيعة البشرية واتجاهات تناولها، رغم صعوبة ذلك، يرسم ملامح نظريته الخاصة التضخم اللاأخلاقي للذات والعاطفة التي تضع ثقلًا جوهريًا فوق العاطفة في تحديد وتشخيص الدوافع السلوكية البشرية، على النقيض من أرسطو الذي آمن بنظرية المنطق أولًا والتي ترى بأن المنطق هو الذي يحرك الإنسانية نحو الفضيلة والحياة السعيدة، وبذلك يوحي أن الناس يملكون قرارهم باختيار التصرف الذي يقدمون عليه، ويملكون قرارهم في التغلب على رغباتهم ونزعاتهم، وعلى خطاه سار كانّتْ من بعده، الذي يعتقد بأن المنطق مصدرًا عظيمًا للتميز والفرادة التي تفرق الإنسان عن بقية الكائنات. أفلام سينمائية عديدة تناولت فكرة تلاعب أصحاب القوى والحكومات والمنظمات السرية في الناس والكون بأكمله، عن طريق التحكم في عقولهم وتمكينهم من ارتكاب ما يُملى عليهم دون اعتراض، أو من الاعتراف بالقيام بجرائم لم يقوموا بها دون شعور بالخطيئة، وإلى حد قريب، كنا نغادر الشاشة في قلق يزول بعد وقت قصير بذريعة أنه من أفلام الخيال العلمي وهو التصنيف الذي تقع فيه بالفعل، لكن شيئًا مهمًا يحاول السينمائيون المبدعون قوله للناس، أنتم لستم إلا بيادق ونحن أسرى لأنظمة أقوى من الإطاحة بها، يجئ الكتاب ليفتح نافذة مضيئة بين هذه المخاوف، إذ يعيد التأكيد على أهمية استخدام العلم في الاتجاه الصالح للبشرية، وفي سبيل إعمار وتعمير الأرض، والنهوض بالوعي الانساني إلى حدود تحترم كرامة الإنسان وإدراكه لما يدور حوله، فمن خلال فهم سيرورة تضخم الذات من بذرة الطفولة التي يربيها أب قاس أو معلم يحرض على العنف مرورًا بمدير متغطرس يقلل من شأن الآخرين ومن انجازاتهم، إنتهاءً إلى ذات منتفخة تسقط كل غضبها وقبحها على زوجة منتهكة وأبناء متعطشين للحب، يمكن بلا شك تتبع الخيوط المعقدة وتحليلها ومن ثم وضع الاستراتيجيات التربوية والنفسية والثقافية والاجتماعية لمعالجتها أو إيقاف تفاقمها..

أثنى العديد من المتخصصين وغير المتخصصين على الكتاب والكاتب في التقاطاته المهمة والتي من شأنها أن تغيّر شبكة أحداث وقرارات مصيرية على مستويات إقليمية وعالمية، فيما لو تم الأخذ بعين الاعتبار الجوانب النفسية وتأثيرات العاطفة على عقليات ودوافع أصحاب القرار. البروفيسور توماس ماتوسيك، السفير الألماني السابق لدى المملكة المتحدة والأمم المتحدة والهند، يقول: «كتاب تمهيدي يجب قراءته، يستكشف دور العواطف والأخلاق في صنع القرار السياسي. يأخذ البروفيسور نايف الروضان القارئ في رحلة فكرية شاقة، باستخدام أبحاث رائدة من علم الأعصاب وتخصصات أخرى لتفريغ ما يعنيه أن تكون إنسانا، من خلال تقديم منظور فلسفي عصبي يمكن الوصول إليه حول العلاقات الدولية في وقت يشهد تغيرًا تكنولوجيًا سريعًا، يساعد البروفيسور الروضان على سد الفجوة بين علم الأعصاب والسياسة. قراءة موصى بها للطلاب والأكاديميين والسفراء على حد سواء!» تقدم دار النشر البريطانية العريقة لاتر وورث بريس في كامبريدج للكتاب على النحو التالي:

«ما الذي يجعلنا من نحن؟ هل نولد صالحين أم شياطين؟ هل لدينا إرادة حرة؟ ما الذي يحرّك سلوكنا ولماذا؟ هل يمكن للتكنولوجيا أن تغير ما يعنيه أن تكون إنسانا؟ في هذه الطبعة الثانية المنقحة بدقة من كتاب الأنانية العاطفية اللاأخلاقية، يوضح البروفيسور نايف الروضان تأثير استعداداتنا الفطرية على القضايا الرئيسية، بداية من الصراع وعدم المساواة والتفاهم عبر الثقافات إلى البيانات الضخمة والأخبار المزيفة والعقْد الاجتماعي.* (مصطلح استمد من كتاب جان جاك روسو بعنوان العقد الاجتماعي، وهي نظرية في الفلسفة الأخلاقية والسياسية تعبر عن مدى شرعية سلطة الدولة على الأفراد* الكاتبة)

ومع ذلك ، فإن المجتمعات التي نعيش فيها وهياكل الحكم الخاصة بها هي التي تحدد إلى حد كبير كيفية تصرفنا وفقًا لاستعداداتنا الفطرية. كما يقدم نظريته الأخرى المرتبطة بالسلوك البشري الفطري وهي التي تعنى بمحفزات هذا السلوك. ويصل إلى خمس محفزات لكل السلوك البشري في كل مكان وزمان وهي: القوة، الربح، المتعة، الاعتزاز، الديمومة (من بقاء على قيد الحياة وإرث مادي ومعنوي وفكري وأسري). ونتيجة لذلك، يقترح الروضان نموذجًا جديدًا ومستدامًا للحكم الرشيد والذي يجب أن يوفق ويوازن بين التوتر الدائم بين السمات الثلاث للطبيعة البشرية (الأنانية العاطفية اللاأخلاقية) والاحتياجات التسعة الحرجة للكرامة الإنسانية*. يعتبر كتاب الأنانية العاطفية اللاأخلاقية موردًا مثاليًا للقرّاء المستنيرين والأكاديميين وصانعي السياسات المهتمين بكيفية تشكيل غرائزنا وميولنا الفطرية للعالم الذي نعيش فيه، وكيف يمكن تسخير التفاعل بين الفلسفة العصبية والسياسة من أجل حلول عملية ومستدامة للسلام والأمن والازدهار للجميع، في جميع الأوقات وتحت جميع الظروف». نهاية مقدمة دار النشر.

*وهي بحسب د. الروضان: المنطق، والأمن، وحقوق الإنسان، والشفافية، والعدالة، والمساءلة، والفرص، والابتكار، والشمولية. وقد قال عنها في مقالة منفصلة: الذكاء الاصطناعي يؤثر في هذه الاحتياجات بطرق معقدة، من خلال تعزيزها أو تعريضها للخطر وأحيانا كليهما. يستحوذ عليّ الظن بأن التقدم في الذكاء الاصطناعي لا يوازيه التقدم في الذكاء العاطفي/ والاجتماعي، وأننا أمام قائمة طويلة من التحولات التي قد تقودنا إلى التقدم على مستوى الذكاء العاطفي، الذي لا يقل أهمية عن القفزات الهائلة في التقدم التكنولوجي، ولقد أبهرني الكتاب في دعم نظريتي أن الافتقار للذكاء العاطفي يقابله تزايد مضّطرد في تضخم الذات/ أو الأنا، الأول يضمن معاملة الآخرين ضمن إطار من المشاعر الإيجابية والعطاء فيما لو استخدم في الإدارة والعمل، والثاني انكفاء المصالح بشكل دائري يصبح فيه الشخص هو المحور وهو نقطة الانطلاق وهو المستلم. إن أهمية الكتاب للأبحاث في هذا المجال تنبعث من أنه يثبت قدرة الذكاء العاطفي على المساعدة في الاستدلال للأبحاث الجنائية والاستخباراتية، وبلا شك قدرته على معالجة القضايا المصيرية التي تدمر المجتمعات وتعطّل النمو الخيّر.

Share This